الأدب العربي على الشبكة العنكبوتية

الأدب العربي على الشبكة العنكبوتية

حسين راشد

كلما نظرت إلى جملة (الأدب العربي) أجدني أقف انتباهاً كجندي أمام قائده .. أقف احتراماً لهذا العملاق الذي رسخ بوجداننا كل معاني الفضيلة و (الأدب) والذي بدوره ثقف أخلاقنا( هذبها) و أماط عنا سفاهات السفسطائيين ومدعو المعرفة .. يحبو المثقف والدارس و الغائص في بحور الأدب العربي حتى حتفه ولا يصل إلى قمته مهما فعل .. لأن الأدب العربي أعلى و أسمى من أن يصل إليه إنسان .. فهو بحر متجدد ومحيط كلما حسبت أنك وصلت لأعماقه اكتشفت أنك لا زلت تجهل الكثير والكثير .. فأدبنا العربي توج بلغة القرآن .. وغاص في أعماق البشر وتوغل في دهاليز النفس البشرية في شتى المجالات والعلوم .. فوجدنا به العلماء والحكماء ورجال الدين و كل أصناف العلم والمعرفة تنهل منه لتستفيد أدباً وعلماً .

والآن بعدما كانت آداب العرب تدرس بالجلسات العربية و الملتقيات التي يعد من أشهرها سوق عكاظ و المعلقات التي تثبت للأجيال المتعاقبة قيمة الأدب عند العرب و تشريف الأدباء بوضع أعمالهم على حائط الكعبة الشريفة لما له من تشريف عند العرب .. و الآن في عصر الاتصالات وتداول المعلومات بات الأدب العربي بموروثه الثقافي أمانة في عنق كل من حمل أمانته حيث كان .. فمن المؤكد أن أدباء المرحلة اليوم والذين تعاملوا مع الشبكة العنكبوتية لا بد لهم أن يكونوا تلقائياً حاملين الرسالة الأدبية حيث كانوا وحيثما ذهبوا .. فكان لا بد من تواجد الأدب طالما هناك أدباء على الشبكة العنكبوتية .. فكانت المواقع المتخصصة التي انتشرت وبعضها تخصص في مناحي وترك مناحي أخرى وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك شبكة القصة العربية التي تحوي على متنها أكثر من 1100 كاتب من مختلف الدول العربية كما يشير الموقع أن عدد البلدان المشاركة 23 دولة وقد تعدى عدد الأعمال في هذا التخصص (قصة قصيرة) 10800 نص .. مما يدل على حجم التبادل الثقافي والأدبي من خلال موقع واحد مختص بفن من فنون الأدب العربي .. والتلاحم الفكري الذي يستنتج من خلال المشاركات والتفاعلات على النصوص من أدباء الموقع .. وهذا يضيف إضافة تفاعلية غير مسبوقة في عالم الأدب حيث يجتمع أدباء من 23 دولة مختلفة في آن واحد على متن صفحة واحدة يطلعون على أعمال بعضهم البعض على لغة ثقافية موحدة وثقافات إقليمية مختلفة .. وهذا النوع من التلاحم الفكري والانصهار الثقافي ينتج لنا مشروع ثقافي عربي بشكل جديد ومختلف عن العصور السابقة .. وأن لولا هذه التكنولوجية الرقمية ما كان من الممكن للأديب العربي أن يطلع على ويتفاعل مع هذا الكم من الكتاب والأعمال بهذه الصورة .. كل هذا من الناحية الإيجابية .. والايجابيات كثيرة . ومنها انفتاح الأدب العربي على العالم من خلال هذه النافذة الرقمية .. وهناك بعض المواقع المتخصصة كمكتبات رقمية منها المجاني ومنها بمقابل تستطيع من خلال أيهم أن تحصل على كتابك المفضل في لحظة .. و كذلك إرسال وتلقي الاعمال والبحث و التفاعل من خلال نقرات إصبع ..

ولا شك أن توالد التفاعل ينتج عنه ما ينتج عن التفاعل على الطبيعة .. وربما يكون حاداً أكثر من مثيله على الطبيعة .. وهذا ما يدور في المناقشات الأدبية الجادة .. وهناك نقاشات تستهلك الوقت ولا تخرج منها سوى بثرثرة فارغة .. كما يحدث في المنتديات الغير جادة ..

العالم الرقمي أخرج لنا مكنونات ومواهب عديدة كما أخرج لنا سوق (رقمي جيد) يعلق به الأديب معلقته ليراها القاص والدان , كما أنه ذاته أخرج علينا المتطفلين والمتفلسفين والسفسطائيين من كل حدب وصوب .. وأصبح في بعض المواقع لقب الأديب يمنح لكل من هب ودب .. و أصبحت الموهبة الأدبية رهينة صاحب هذا الموقع أو ذاك .. و من السلبيات الحقيقية هي في مثل تلك الحالات التي يشرف على مواقعها أنصاف مواهب أو أقل فيتيح لمن هو أقل فرصة كي يكون هو أعلى قيمة و يحجب من هو أعلى منه أدباً كي لا يقل من شأنه .. وقد يكون هذا في الكثير من المواقع الغير مختصة أما المواقع المختصة فبها زبد الأدب والقيمة الثقافية والتفاعلية والتي من الممكن جداً أن ينتج عنها شكل جديد وقالب أجدد للشكل الثقافي العربي من خلال الشبكة العنكبوتية هذا إن وجدت جهة حاضنة ومهتمة بالفعل بالأدب العربي لتنقية و تنمية هذه الروح .. فالشبكة العنكبوتية لا تنتج بشراً كي تصنع أدباً .. بل إن البشر هم من يدخلون عليها بثقافتهم وآدابهم .. ومن هذه الفئة المتعاملة مع (الانترنت) تتكون الحالة الأدبية سلباً أم إيجاباً .. ومن المبشر بالخير وجود هامات أدبية كبيرة على الشبكة العنكبوتية يتفاعلون مع الأدباء الشبان .. يقرءون لهم ويشرفون على أعمالهم .. وفي بعض الأحيان يصححون لهم وهذا حدث بالفعل معي مع صديقي وأستاذي الأديب الكبير عدنان كنفاني .. فقد أتاحت الشبكة العنكبوتية لقاءنا و أثمرت صداقتنا .. وبدء التفاعل البناء في عالم الأدب والثقافة .. والكثير من هذه الأمثلة الحية على الشبكة العنكبوتية .. ولا أبالغ حين أقول ان الشبكة العنكبوتية أثمرت إثماراً رائعاً في الثقافة والأدب العربي الحديث .. ولكني لا زلت مُصر على أنه يجب أن تكون هناك هيئة أوجهة ترعى هذا العمل و يكون على رأسها هؤلاء الأساتذة الذين يعلموننا ما لم نعلم .. و كالعادة يسلم الجيل الرسالة للجيل الذي يليه .. لتبقى شعلة الأدب العربي برونقها وجمالها متداولة و مرفوعة في شتى المحافل والأماكن , والحديث لا ينتهي

فللحديث دائماً بقية

حسين راشد

فنان تشكيلي - كاتب

رئيس تحرير جريدة مصر الحرة الالكترونية

رئيس الاتحاد العربي للإعلام الالكتروني



نائب رئيس حزب مصر الفتاة

وأمين لجنة الإعلام