منتدى الاتحاد العربي للاعلام الالكتروني
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

أزمة الوعي العربي

اذهب الى الأسفل

أزمة الوعي العربي Empty أزمة الوعي العربي

مُساهمة من طرف أ . تحسين يحيى أبو عاصي الثلاثاء سبتمبر 09, 2008 9:23 pm

أزمة الوعي العربي
بقلم أ . تحسين يحيى أبو عاصي – كاتب فلسطيني مستقل –
-------------------------------------------------
يقول أيوجين روستو (رئيس قسم التخطيط في وزارة الخارجية الأمريكية ، ومستشار الرئيس جونسون لشؤون الشرق الأوسط حتى سنة 1967م):
يجب أن ندرك أن الخلافات القائمة بيننا وبين الشعوب العربية ، ليست خلافات بين دول أو شعوب ، بل هي خلافات تعتمد على صراع في الوعي بين الحضارتين ، بين الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية .
ويتابع قائلاً : إن الظروف التاريخية تؤكد ، أن أمريكا إنما هي جزء مكمل للعالم الغربي ، فلسفته ، وعقيدته ، ونظامه ، وذلك يجعلها تقف معادية للعالم الشرقي الإسلامي ، بفلسفته وعقيدته المتمثلة في الدين الإسلامي ، ولا تستطيع أمريكا إلا أن تقف هذا الموقف المعادى ، للعروبة والإسلام إلى جانب العالم الغربي ، والدولة الصهيونية . انتهى .

يعتبر الوعي عبر التاريخ الإنساني الطويل وعند كل الأمم والجماعات والشعوب من أهم العوامل المؤئرة في حسم الصراعات والخلاقات التي تقع بينها ، كما انه المصب الذي تتبلور فيه الأفكار والرؤى والأهداف وما إلى ذلك من مفردات ....
ولا اقصد هنا بالوعي من منظار معيَّن ، كأن نقول الوعي الديني بكل مشاربه ، أو الوعي العلماني بكل توجهاته ، أو الوعي القومي والاشتراكي أو ما شابه ذلك ؛ من اجل عدم اختزال مفهوم وجوهر الوعي البشري ، بل قصدت بالوعي هو ذلك الوعي الذي يجمع كافة الأفكار والمشارب والاتجاهات ، التي تهدف إلى تحقيق الحد الأدنى من الكرامة العربية ، من خلال جبهة موحدة قادرة على التصدي والتغيير ، باعتبار انه ربما وبفعل تأثير الأحداث المتلاحقة والضاغطة ، أن يلتقي جميع شرفاء الكلمة والضمير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من خلال تلك الجبهة الموحدة ، ومن الطبيعي أن نتفهم ولو بغض النظر قليلا ، بأن كل فكر يعتبر نفسه هو الأجدر على بناء الوعي العربي ، وانه السبيل الوحيد من أجل الكرامة والبناء والتحرير ، ولكن ما لا يمكن أن نتفهمه هو المواقف السلبية المتشابه لجميع تلك القوى والأحزاب الفاعلة ، على الساحتين العربية والإسلامية ، والذي لا يتبلور عنه جهد مشترك أو رؤية دافعة موحدة ، تؤدي إلى تشكيل جبهة فاعلة موحدة ، تهدف إلى الضغط من أجل إيجاد حالة من التغيير المنشود ، بخطة يحكمها شكل من أشكال الوعي المشترك ، بين جميع المشارب والأفكار والأيديولوجيات والاتجاهات ، من خلال القواسم المشتركة التي يلتفون حولها .
بعض العلماء اعتبروا ووفق معادلتهم الخاصة : أن الخلل في الوعي هو بالضرورة خلل في الرؤى والبرمجة والتخطيط ، باعتبار أن كل نتيجة خاطئة تنم عن وعي خاطئ ، يكمن في كيفية وشكل التعاطي مع هذا الحدث أو ذاك ، أو مع هذه المعضلة أو تلك .
ومن أولويات الوعي أن يدرك الإنسان بأن مصلحته ومصلحة الناس من حوله تكمن في عدم الدمج بين النفعية والمبدئية ، بين الانتهازية والواجب ، وهذا هو من أهم أسباب التخبط والفشل والانحطاط ، لأن الوعي الحقيقي يفرض وبالضرورة العطاء أكثر من الأخذ ، والإيثار أكثر من الأنانية ، وتغليب المصالح العليا على المصالح الشخصية والدنيا ، كما يدعو إلى الشجاعة والمسئولية والمبادرة الذاتية والتضحية والإيثار، من هنا تكمن أهمية التضحية بالأرواح والدماء والأموال والممتلكات ، من أجل تحقيق الأهداف المرجوة من خلال عامل الوعي .
ولا شك بأن الوعي العربي يعيش حالة من الانحطاط لا مثيل لها ، وهي شبيهة بتلك المرحلة التاريخية التي عاشها العرب قبل يزوغ فجر الإسلام ، حيث التمزق والنظام القبلي ، والتجزئة و تفشي القتل والانحطاط القيمي ، وغياب الوازع الوطني والإنساني والأخلاقي .
ولعل ما تعرضت له الأمتين العربية والإسلامية عبر التاريخ يكمن في فقرها لوعي المواجهة والبناء ، مما جعلها تعيش حالات من التخلف والضياع ، كما جعلها فريسة سهلة للنيل منها ، في الوقت الذي نجح أعداؤها في دك حصونها ، واختراق صفوفها ، وهزيمة جيوشها بفعل نجاحهم ( أي الأعداء ) بامتلاك الوعي الذاتي والموضوعي ، الذي مكنهم من تحقيق نجاحات باهرة ضدنا ، ومن أهم العناصر التي شكلت الوعي العدائي ضد الأمتين العربية والإسلامية هو قدرة الأعداء على فهم طبيعة تفكيرنا ، وغياب وازع العطاء والتضحية عندنا ، وشيوع الأفكار الهدامة ، والعادات والتقاليد البالية ، والأفكار المتهترئة والاتكالية الممقوتة ، والإشاعات الكاذبة الضارة ، وهو ما اعتُبر جزء من نسيج مجتمعي هش ، مما ساعد أعداؤنا في تحقيق اختراقنا بسهولة ، فكان نجاح الحملات الصليبية ، ثم نجاح هجمات المغول ، ثم وقوع العالمين العربي والإسلامي تحت الحكم التركي ، وما آلت إليه الأمور فيما بعد من فقر وجهل وظلم ، ومن ثم انهيار الخلافة العثمانية ، ثم الخضوع لاتفاقيات سايكس بيكو ، التي أعادت رسم خارطة العالمين العري والإسلامي من جديد ، وما نجم عن ذلك من إفرازات مريرة نجني أشواكها حتى اليوم .

لقد نجح أعداؤنا في فهمنا وقدموا التضحيات من اجل النيل منا ، نجحوا في فهم تركيبتنا وسيكولوجيتنا وإمكانياتنا وطرق تفكيرنا وثقافتنا ، علما بأن من أهم عوامل النصر في الدراسات الإستراتيجية ، هو إما أن تفهم عدوك وإما أن يفهمك ، فإن فهمت عدوك ( وهذا بالطبع من خلال وعيك ) كنت الأقرب لتحقيق النصر عليه ، وإن فهمك عدوك كان هو الأقرب في تحقيق النصر عليك ، وهذه الحركة الصهيونية بصعودها وهيمنتها ، وإمكانياتها المدعومة من الوعي الغربي والتخلف العربي معاً ، تمكنت من تحقيق أكبر الانتصارات في السيطرة على الإعلام العالمي ، كما نجحت في الوصول إلى رأس الهرم السياسي في معظم دول العالم وصناع القرار ، حتى أن وزير دفاع جورجيا دافيد كازرشفيلي والذي كان مواطنا إسرائيليا يعيش في كيان العدو ، وبمجرد أن انهار الاتحاد السوفيتي ، عاد إلى موطنه الأصلي في جورجيا ليتولى حقيبة الدفاع هناك ، وليعمل على توتير منطقة القوقاز .
والمتتبع بإنصاف لحال العالمين العربي والإسلامي يشعر بألم كبير وبحرقة بالغة ، على ما آلت إليه الأمور من انحطاط وفشل وهوان ، فجميع الحركات التي دعت إلى التحرر في المنطقة العربية والعالم الإسلامي أفل نجمها أو كاد ، بغض النظر عن مشاربها الفكرية والعقدية ، والكثير منها تقاطعت أهدافها ومصالحها مع أهداف ومصالح أعدائها ، مما أفقدها الكثير من الدعائم التي يعتمد عليها الوعي في ديمومته .

الوعي العربي يعيش أزمة فكر ، وأزمة ثقافة ، وأزمة انتماء وهوية ، ثلاثة عشر مليون مهاجر في دولة الإمارات العربية وحدها ، وأصوات إماراتية شريفة تحذر من التداعيات الخطيرة لذلك كما حدث في سنغافورة وماليزيا ، ودول الخليج العربي ومياهه تحولت إلى قواعد عسكرية تصب في تحقيق الأهداف الإسرائيلية ، والحركة التعليمية في الوطن العربي تم تسييسها والهيمنة عليها لصالح أعدائنا ، والسودان يخضع لمؤامرة التقسيم ، والعراق حدث عنها ولا حرج . وليبيا سلمت كل أوراقها واليمن متخبط في سياسته وتعامله مع شعبه ، ومصر يكفي ما حدث من انهيار للصخور الجيرية التي أودت بأرواح العشرات الآمنين في بيوتهم ، وما سبق ذلك من كوارث يتعرض لها الشعب المصري ولا يزال ، مثل كارثة غرق العبارة ، وانهيار العمارات السكنية ، وانزلاق القطارات والحافلات إلى مياه البحر ، والنظام المصري بجيشه وترسانته أعجز من أن يرد على جندي إسرائيلي واحد يطلق النار على جنود أو مدنيين مصريين .
، وسوريا عاجزة عن تحرير الجولان ومن المتوقع أن تلحق في ركب التسوية الأمريكي ، وما ينعكس ذلك على قوى المقاومة ، كما عجزت من قبل على تحرير لواء الإسكندرونة . ولبنان خطط ومؤامرات تهدف إلى نزع البندقية المقاومة ، والجيوش العربية ناجحة بامتياز في قمع شعوبها ، وسجناء الرأي تكتظ بهم السجون ، والشعوب تتنفس من تحت البوستار ( الحذاء ) الحاكم .
ودول المغرب العربي تعيش الفرْنَسَة ( بتسكين الراء ) بأوَجّها ، حتى أنها لازالت تواجه مشكلات التعريب في بعض المناطق حتى الآن .
وفي السعودية نهب وسرقة الثروات والأموال النفطية ، ونسبة الفقر والبطالة في ازدياد ، ومدن الصفيح شاهد حي على تخزين المليارات بأسماء الأمراء والأميرات في بنوك أوروبا .

وفلسطين فقدت كل إمكانيات قيام الدولة من جراء الوقائع المادية على الأرض ، والقضية الفلسطينية تسير نحو المجهول ، وغزة تعيش الحصار والخناق ، وبارك الله في أيسلندا التي قررت حكومتها قبول 29 لاجئاً فلسطينياً عالقين منذ عامين في معسكر للاجئين على الحدود العراقية السورية ومن قبلها حكومات البرازيل وتشيلي وكندا التي استقبلت العشرات أيضاً .

لقد نجح بوش من قبل في اختيار مسئول عن الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي ، اسمه إليوت أبرامز ، الذي اختص بالكتابة في موضوع التحالف الضروري بين اليمين الأصولي المسيحي ، ومؤيدي إسرائيل في أميركا ، كان هذا التحالف قوة دفع رئيسية في اتجاه الحرب على العراق وأفغانستان من قبل ، وأنه لا بد من نقلة جديدة إلى يوم القيامة ( وفق تصور اليوت أبرامز ) .
فهل يمتلك العالمين العربي والإسلامي وعيا يرتقي إلى مواجهة بوش وزمرته !!! ؟ .
لا بد من توحيد المواقف بين جميع شرفاء الرأي والكلمة ، ولابد من التقاء الوعي حول قواسم مشتركة لجميع المشارب الفكرية ، والاتجاهات السياسية الشريفة ، وذلك بتشكيل جبهة موحدة فاعلة قادرة على التغيير ، فما حدث في لبنان من تشكيل جبهة موحدة للموالاة و أخرى للمعارضة ، وفي العراق حيث الجبهة العراقية للحوار الوطني ، لماذا لا يتكرر على المستوى العربي أو الإسلامي في العالمين العربي والإسلامي بشكل أوسع ، أو حتى لماذا لا يتكرر في أقطار عربية منفردة أخرى كالعراق ولبنان ؟ صحيح أن هناك اعتبارات محلية وعربية ودولية كثيرة تخص كل قطر عربي ؛ لكن اعتبار فقدان الكرامة يفوق كل الاعتبارات الأخرى ، فهل نشعر بفقدان كرامتنا ؟ أم أن المهانة هي مهنة الأجداد و الآباء والأبناء ؟
tahsseenn2010@hotmail.com

زيارتكم لمدونتي وتعليقاتكم عليها شرف كبير لي
www.tahsseen.malware-site.www مدونتي : واحة الكتاب والأدباء المغمورين
tahsseen.maktoobblog.com قلب يحترق في واحة خضراء

[right]

أ . تحسين يحيى أبو عاصي
عضو جديد
عضو جديد

عدد الرسائل : 8
العمر : 70
سبب الانضمام : المزيد من المعرفة والخبرة وتحقيق الفائدة في مجال الكتابة والعلاقات الثقافية والأدبية العامة وفتح آفاق جديدة
تاريخ التسجيل : 06/08/2008

http://www.tahsseen.jeeran.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى