المطلوب أمريكياً رأس المشير البشير //عدنان كنفاني

المطلوب أمريكياً رأس المشير البشير

“والحبل على الجرار”
عدنان كنفاني

يفرض علينا واقع الحال “من باب التذكير والتحذير” أن نعود قليلاً إلى الوراء القريب، فنقول: يوم حوصر الرئيس الراحل ياسر عرفات في مبنى المقاطعة في رام الله سنوات طويلة، قلنا وصرخنا: أن عيب على زعماء الأمّة أن تُفعل الأفاعيل برئيس عربي ينطق بالضاد ويمثّل “رسمياً” بلده وشعبه على مسمع ومرأى منهم، ولا يحركون ساكناً، ولا يبدون اعتراضاً، ولا يعلنون موقفاً.!

ويوم حُملَ الرئيس أبو عمّار إلى فرنسا على عجل ليقضي هناك مقتولاً بعد أن أكل السمّ روحه وجسده بعيداً عن أي دليل وشبهة بالقتل صرخنا وقلنا: أن يا زعماء الأمّة هذا زعيم ورئيس بلد عربي وشعب عربي، ورغم ذلك يقتل بدم بارد والكل نيام كأن على رؤوسهم الطير، لا أحد بحث، ولا أحد استقصى، ولا أحد سأل، ولا أحد أدان.!

وقبل ذلك لو يذكر المذكّرون أغارت طائرات “البعبع” الأمريكي على ليبيا مستهدفة رئيسها “العقيد معمّر القذافي” بقصد تصفيته وأسرته، ولم ينطق أحد منكم حرفاً، ولا أعلن أحد منكم موقفاً، أو اعتراضاً.!

وعندما أعلن الديمقراطيون الجدد في الولايات المتحدة الأمريكية حاملة لواء الديموقراطية والحريّة، وسال لعاب الجنرالات في البنتاغون، وأصحاب مصانع السلاح في أمريكا لدخول لعبة الحرب جهاراً نهاراً، ظلماً وعدواناً على العراق البلد العربي “الشقيق”، ودخل “اليانكي السوبرمان” بطائراته ودباباته واحتل العراق بعد أن دمّر تاريخها وحضارتها، وأُلقي القبض على رئيس الجمهورية العراقية صدام حسين من قبل القوات الأمريكية الغازية للعراق، وبدأت فصول مسرحية محاكمته، ووضعه في قفص الاتهام، صرخنا وقلنا: أن يا عرب هذا رئيس دولة عربية، عيب أن يجلس مواطن عربي، أو مسؤول، أو رئيس دولة عربية في قفص اتهام يضعنا جميعاً أمام غرباء ليحاكمونا، وصدام حسين رئيس دولة عربية هي عضو مؤسس في جامعة الدول العربية، وعضو كامل العضوية والأهلية في منظمة هيئة الأمم المتحدة، ويُحاكم من قبل قضاة عينتهم القوات الأمريكية على صورة وشكل هيئة محكمة مشبوهة، والكل يعلم ويدرك أن ما جرى ليس أكثر من مسرحية تتمسّح بخروق الديموقراطية المفصّلة على قياس المصالح ستنتهي حتماً بإعدامه. لم يتحرك أحد من الرؤساء، بل الأنكى من ذلك أن بعض الرؤساء عبّروا سواء بالصمت أو بالمواربة مباركتهم لإحقاق “العدل الأمريكي”، متناسين أن صدام حسين ومهما كان ومهما فعل، وهم.. (هؤلاء البعض من الحكام العرب بالمناسبة ليسوا بأفضل منه شراسة وقمعاً لشعوبهم)،هو رئيس الجمهورية العراقية صدام حسين ومهما فعل فهو يمثل بموقعه كرئيس دولة مستقلة معايير الدولة كلها بأهلها وسكانها “طبعا باستثناء القادمين على دبابات الغزاة”. وقد تابع الجميع فصول المسرحيات المتتابعة التي نُشرت على أوسع نطاق بكل وسائل الإعلام، ورغم ذلك لم يحرك المشهد عضلة في وجوه المحنطين على كراسي الحكم.

وعندما نفّذ حكم الإعدام بالرئيس صدام حسين فجر يوم عيد المسلمين الكبير إمعاناً في إذلال العرب والمسلمين لم يتحرك أحد، ولم يعترض أحد، ولم يسأل أحد.!

يومها قلنا وصرخنا: أن يا حكام العرب احذروا فإن الحبل على الجرار.

الآن مطلوب رأس رئيس دولة عربية آخر هو المشير عمر البشير رئيس جمهورية السودان، فماذا أنتم فاعلون.!؟؟

أيها الملوك والأمراء والشيوخ والرؤساء، هل منكم من يملك حصانة تحميه “إذا انتفض ضميره ذات وقت وانحاز لمصالح شعبه” من أن يكون الرقم التالي في قائمة المطلوبين.؟

وهل يملك أحد منكم “إذا تهاون أو تأخر، أو رفض تنفيذ أمر أو رغبة من رغبات الغرباء” أن لا يطاله ذات يوم حكم مماثل.؟

قد لا نكون كشعوب راضين عن تنصّب بعضكم سدد الحكم، ولكن هذا أمر يمكن أن نتصرّف فيه نحن وليس الأجنبي، ومهما كان منكم، فأنتم منا، وتمثّلون بمناصبكم وكراسيكم ولو شكلياً شعوبكم “نحن”، والشعوب.. لأنها أصيلة وواعية وشريفة ونظيفة، لا يمكن أن ترضى لكم هذا المصير.

فهل من مذّكر..!؟

* * *

المصدر : جريدة مصر الحرة